الدفع عند الكسب يشير إلى نظام يتم فيه اقتطاع الضرائب من دخل الموظفين بشكل دوري من قبل صاحب العمل، وتحويلها إلى الجهات الضريبية المختصة.
الدفع عند الكسب مقدمة: في عالم الاقتصاد الرقمي المتسارع، ظهرت العديد من النماذج التجارية المبتكرة التي غيرت طريقة تعاملنا مع المال والأعمال. أحد هذه النماذج هو نظام "الدفع عند الكسب" الذي برز في المملكة المتحدة عام 1944، وسرعان ما انتشر ليصبح مفهومًا اقتصاديًا عالميًا.
على الرغم من عدم تطبيقه بشكل واسع في الدول العربية مثل مصر والإمارات والسعودية التي تعتمد على تشريعاتها الضريبية الخاصة، إلا أن فهم هذا النظام يظل مهمًا في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية.
في هذا المقال، سنتعمق في مفهوم الدفع عند الكسب، ونستكشف آلية عمله، ونلقي الضوء على إيجابياته وسلبياته، مع تقديم أمثلة توضيحية من واقع الحياة العملية.
يشير مفهوم "الدفع عند الكسب" (Pay As You Earn - PAYE) إلى نظام يتم فيه اقتطاع الضرائب من دخل الموظفين بشكل دوري من قبل صاحب العمل، وتحويلها إلى الجهات الضريبية المختصة. يهدف هذا النظام إلى تسهيل عملية تحصيل الضرائب وتخفيف العبء المالي على دافعي الضرائب.
1.حساب الضريبة المستحقة: يتم حساب الضريبة المستحقة على دخل الموظف بناءً على القوانين واللوائح الضريبية السارية في الدولة.
2.الاقتطاع الدوري: يقوم صاحب العمل باقتطاع نسبة محددة من راتب الموظف في كل دورة دفع، وتسمى هذه النسبة "ضريبة الدخل المقتطعة".
3.تحويل الضريبة: يقوم صاحب العمل بتحويل الضريبة المقتطعة إلى الجهات الضريبية المختصة نيابة عن الموظف.
4.تقديم الإقرار الضريبي: في نهاية العام المالي، يقوم الموظف بتقديم إقرار ضريبي يوضح فيه دخله السنوي ومقدار الضريبة التي تم اقتطاعها.
5.تسوية الضريبة: إذا كانت الضريبة المقتطعة أقل من الضريبة المستحقة، يجب على الموظف دفع الفرق. وإذا كانت الضريبة المقتطعة أكثر من الضريبة المستحقة، يحق للموظف استرداد الفرق.
ظهر مفهوم الدفع عند الكسب لأول مرة في المملكة المتحدة عام 1944، كوسيلة لتسهيل عملية تحصيل الضرائب في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وقد انتشر هذا النظام لاحقًا في العديد من دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وأستراليا وفرنسا.
على الرغم من عدم تطبيق نظام الدفع عند الكسب بشكل واسع في الدول العربية، إلا أن بعض الدول قد بدأت في تبني هذا النظام بشكل جزئي أو تعديل تشريعاتها الضريبية لتشمل بعض مبادئ هذا النظام.
في المملكة العربية السعودية، لا يتم تطبيق نظام الدفع عند الكسب (PAYE) بالشكل التقليدي المتعارف عليه في بعض الدول الغربية. بدلاً من ذلك، تعتمد المملكة على نظام ضريبي خاص بها، يتم فيه تحصيل الضرائب من الشركات والأفراد وفقًا لقوانين الزكاة والضريبة على الدخل المحددة.
هي ركن من أركان الإسلام، وهي فريضة مالية على المسلمين القادرين. يتم حساب الزكاة على أساس النصاب المحدد لكل نوع من أنواع الأموال، وتختلف نسبتها حسب نوع المال.
تفرض المملكة العربية السعودية ضريبة على دخل الشركات والأفراد. يتم حساب الضريبة على أساس الدخل الخاضع للضريبة، والذي يتم تحديده بعد خصم الإعفاءات والتخفيضات المسموح بها.
على الرغم من عدم تطبيق نظام PAYE بشكل كامل، إلا أن المملكة العربية السعودية تطبق نظامًا مشابهًا للاستقطاع الشهري للضريبة من رواتب الموظفين. يقوم صاحب العمل باقتطاع نسبة محددة من راتب الموظف، بناءً على شريحة الدخل التي ينتمي إليها، وتحويلها إلى الهيئة العامة للزكاة والدخل.
في نهاية العام المالي، يتعين على الشركات والأفراد تقديم إقرار ضريبي يوضح فيه دخلهم السنوي ومقدار الضريبة التي تم دفعها. إذا كانت الضريبة المدفوعة أقل من الضريبة المستحقة، يجب على المكلف دفع الفرق. وإذا كانت الضريبة المدفوعة أكثر من الضريبة المستحقة، يحق للمكلف استرداد الفرق.
تعمل الهيئة العامة للزكاة والدخل على توعية المكلفين بأهمية الالتزام بتقديم الإقرارات الضريبية وسداد الضرائب المستحقة في مواعيدها المحددة. كما تقدم الهيئة العديد من الخدمات الإلكترونية التي تسهل عملية تقديم الإقرارات وسداد الضرائب.
من المتوقع أن تشهد الأنظمة الضريبية في المملكة العربية السعودية مزيدًا من التطوير والتحديث في المستقبل، وذلك في إطار رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.
في الختام، يعتبر نظام "الدفع عند الكسب" أداة فعالة لتسهيل عملية تحصيل الضرائب وتخفيف العبء المالي على دافعي الضرائب في العديد من دول العالم. وعلى الرغم من عدم تطبيقه بشكل كامل في المملكة العربية السعودية، إلا أن النظام الضريبي السعودي يشمل بعض مبادئ هذا النظام، مثل الاستقطاع الشهري للضريبة من رواتب الموظفين.
مع استمرار تطور الأنظمة الضريبية في المملكة، قد نشهد تبنيًا أكبر لمبادئ "الدفع عند الكسب" في المستقبل، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 الهادفة إلى تعزيز الكفاءة والشفافية في النظام المالي والضريبي.
من المهم أن يظل دافعو الضرائب على اطلاع دائم بالتطورات في الأنظمة الضريبية، والاستفادة من الخدمات الإلكترونية التي تقدمها الهيئة العامة للزكاة والدخل لتسهيل عملية الامتثال الضريبي.