أساس الاستحقاق والأساس النقدي لا يقتصر اختيار الأساس المحاسبي على مجرد تفضيل شخصي، بل يتأثر بعدة عوامل جوهرية تؤثر على دقة التقارير المالية
أساس الاستحقاق والأساس النقدي مقدمة: هل تساءلت يومًا عن الفرق بين المحاسبة على أساس الاستحقاق والمحاسبة على الأساس النقدي؟ يكمن جوهر هذا الاختلاف في توقيت الاعتراف بالإيرادات والمصروفات. فبينما تركز المحاسبة على أساس الاستحقاق على تسجيل الإيرادات والمصروفات عند حدوثها، بغض النظر عن وقت الدفع أو الاستلام الفعلي للنقد، فإن المحاسبة على الأساس النقدي تركز على تسجيل الإيرادات والمصروفات فقط عند استلام أو دفع النقد. في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذا الاختلاف الجوهري، ونستكشف كيف يؤثر كل منهما على الصورة المالية للشركة، وما هي الاعتبارات التي يجب أن تأخذها في الحسبان عند اختيار الأساس المحاسبي المناسب لعملك.
في عالم المحاسبة، هناك طريقتان رئيسيتان لتسجيل المعاملات المالية: أساس الاستحقاق والأساس النقدي. ولكل طريقة منهجية مختلفة في تحديد توقيت الاعتراف بالإيرادات والمصروفات، مما يؤثر على الصورة المالية للشركة.
في هذه الطريقة، يتم تسجيل الإيرادات والمصروفات عند حدوثها، بغض النظر عن توقيت الدفع أو الاستلام الفعلي للنقد. بمعنى آخر، يتم الاعتراف بالإيرادات عندما يتم كسبها، والمصروفات عندما يتم تكبدها، حتى لو لم يتم تبادل النقود بعد.
لنفترض أن شركة "إبداع" للتصميم قدمت خدمات تصميم لعميل في شهر ديسمبر، ولكن العميل لم يدفع قيمة الخدمات إلا في شهر يناير. في المحاسبة على أساس الاستحقاق، سيتم تسجيل الإيرادات في شهر ديسمبر، وهو الشهر الذي تم فيه تقديم الخدمات، وليس في شهر يناير، وهو الشهر الذي تم فيه استلام الدفع.
في هذه الطريقة، يتم تسجيل الإيرادات والمصروفات فقط عند استلام أو دفع النقد الفعلي. بمعنى آخر، لا يتم الاعتراف بالإيرادات إلا عند استلام النقود، ولا يتم الاعتراف بالمصروفات إلا عند دفع النقود.
باستخدام نفس المثال السابق، في المحاسبة على الأساس النقدي، سيتم تسجيل الإيرادات في شهر يناير، وهو الشهر الذي تم فيه استلام الدفع من العميل، وليس في شهر ديسمبر، وهو الشهر الذي تم فيه تقديم الخدمات.
لا يقتصر اختيار الأساس المحاسبي على مجرد تفضيل شخصي، بل يتأثر بعدة عوامل جوهرية تؤثر على دقة التقارير المالية وقدرتها على عكس الواقع المالي للشركة.
لنفترض أن شركة "بناء" باعت مواد بناء بقيمة 50,000 ريال سعودي في شهر ديسمبر، ولكن العميل لم يدفع المبلغ إلا في شهر يناير التالي.
في الشركات التي تستخدم المحاسبة على الأساس النقدي، يتم إصدار تقرير الأرباح عندما تتدفق الأموال فعلياً إلى حسابات الشركة أو تخرج منها. بمعنى آخر، يتم الاعتراف بالإيرادات عند استلام الدفعات من العملاء، ويتم الاعتراف بالمصروفات عند دفع الفواتير للموردين والموظفين.
في الختام، يمثل اختيار الأساس المحاسبي المناسب، سواء كان أساس الاستحقاق أو الأساس النقدي، قراراً حاسماً للشركات والمؤسسات المالية. فبينما يوفر أساس الاستحقاق صورة أكثر دقة وشمولية للوضع المالي للشركة على المدى الطويل، إلا أنه قد يكون أكثر تعقيداً في التطبيق. في المقابل، يعتبر الأساس النقدي أبسط وأسهل في التطبيق، ولكنه قد لا يعكس بدقة الوضع المالي الحقيقي للشركة، خاصة في ظل وجود معاملات ائتمانية أو مدفوعات مؤجلة.
لذا، يجب على الشركات أن تختار الأساس المحاسبي الذي يناسب طبيعة أعمالها وحجمها ومتطلبات الإبلاغ المالي الخاصة بها. وعليها أن تدرك أن كلا الأساسين له مزاياه وعيوبه، وأن اختيار الأساس المناسب يمكن أن يساهم بشكل كبير في تعزيز الشفافية المالية وتحقيق النجاح على المدى الطويل.