فترة التجربة

فترة التجربة : تُعد فترة التجربة مرحلة حاسمة في مسيرة التوظيف، حيث يتاح لكل من الموظف والمؤسسة فرصة ثمينة للتعرف على بعضهما البعض عن كثب..

\

ملف واحد 50_Page_29.png 47.68 KB

فترة التجربة

فترة التجربة مقدمة: تُعد فترة التجربة مرحلة حاسمة في مسيرة التوظيف، حيث يتاح لكل من الموظف والمؤسسة فرصة ثمينة للتعرف على بعضهما البعض عن كثب.

إنها بمثابة جسر يربط بين التوقعات النظرية والواقع العملي، ويتيح للموظف الجديد اختبار مدى ملاءمة مهاراته وسماته الشخصية لثقافة الشركة ومتطلبات العمل، بينما تتيح للمؤسسة تقييم أداء الموظف والتأكد من كونه الخيار الأمثل للوظيفة.

في هذا الدليل الشامل، سنستعرض بالتفصيل كل ما يتعلق بفترة التجربة في نظام العمل السعودي، بدءًا من تعريفها ومدتها، مرورًا بحقوق وواجبات كل من الموظف وصاحب العمل، وصولًا إلى أفضل الممارسات التي تضمن نجاح هذه الفترة وتحقيق أهدافها. 

كما سنقدم لك إرشادات قيّمة لإدارة فترة التجربة بفعالية، سواء كنت موظفًا جديدًا يسعى لإثبات كفاءته، أو صاحب عمل يبحث عن أفضل المواهب.

 

ما هي فترة التجربة؟

هي فترة زمنية محددة في بداية العلاقة التعاقدية بين الموظف وصاحب العمل، تهدف إلى تقييم مدى ملاءمة الموظف للوظيفة وانسجامه مع بيئة العمل وثقافة الشركة.

وتعتبر هذه الفترة بمثابة اختبار متبادل، حيث يمكن لكل من الطرفين إنهاء العقد دون أي التزامات قبل انتهاء المدة المحددة.

 

فترة التجربة في نظام العمل السعودي:

ينظم نظام العمل السعودي فترة التجربة من خلال المادتين 53 و54، وتتضمن أبرز أحكامها:

  • تحديد فترة التجربة: يجب النص صراحة في عقد العمل على وجود فترة تجربة وتحديد مدتها بوضوح، على ألا تتجاوز 90 يومًا.
  • إمكانية التمديد: يجوز تمديد فترة التجربة باتفاق مكتوب بين الطرفين، على ألا تتجاوز 180 يومًا.
  • استثناءات : لا تدخل إجازة عيدي الفطر والأضحى والإجازة المرضية في حساب فترة التجربة.
  • حق إنهاء العقد: يحق لكل من الطرفين إنهاء العقد خلال فترة التجربة دون أي تعويض أو مكافأة نهاية خدمة، ما لم ينص العقد على خلاف ذلك.
  • تكرار فترة التجربة: لا يجوز وضع العامل تحت التجربة أكثر من مرة لدى صاحب عمل واحد، إلا في حالات محددة وبموافقة الطرفين كتابةً.

 

أهمية فترة التجربة

تُعد فترة التجربة مرحلة حاسمة في بداية العلاقة التعاقدية، حيث تتيح لكل من الموظف وصاحب العمل فرصة لاختبار مدى ملاءمة الطرف الآخر لبيئة العمل ومتطلبات الوظيفة.

بالنسبة للموظف:

  • تقييم واقعي للوظيفة: تسمح له بتجربة العمل بشكل عملي، والتعرف على مسؤولياته اليومية، وقياس مدى توافقها مع مهاراته وتطلعاته المهنية.
  • التعرف على بيئة العمل: يتيح له فرصة التعرف على زملائه وثقافة الشركة، وتقييم مدى انسجامه مع بيئة العمل الجديدة.
  • اتخاذ القرار: بناءً على تجربته خلال فترة التجربة، يمكن للموظف اتخاذ قرار مستنير بشأن الاستمرار في الوظيفة أو البحث عن فرصة أخرى تناسب تطلعاته بشكل أفضل.

بالنسبة لصاحب العمل:

  • تقييم أداء الموظف: يمكن لصاحب العمل تقييم أداء الموظف الفعلي، ومدى التزامه بالمواعيد، وقدرته على العمل ضمن الفريق، ومدى ملاءمته للثقافة التنظيمية للشركة.
  • تقليل المخاطر والتكاليف: في حال عدم ملاءمة الموظف، يمكن إنهاء العقد خلال فترة التجربة دون تحمل أي تكاليف إضافية مثل مكافأة نهاية الخدمة.
  • تدريب وتطوير الموظف: تعتبر فرصة لتقديم التدريب والدعم اللازمين للموظف الجديد، لمساعدته على التكيف مع متطلبات الوظيفة وتحقيق أفضل أداء ممكن.

 

عوامل قد تعيق نجاح الموظف الجديد

لا يخلو طريق النجاح من العقبات، وفترة التجربة ليست استثناءً. فبالرغم من كونها فرصة ثمينة للتعارف والتقييم المتبادل، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تواجه الموظف الجديد وتعيق نجاحه في هذه المرحلة الحاسمة.

أبرز أسباب عدم اجتياز فترة التجربة:

1.ضعف مهارات التواصل: 

تعتبر مهارات التواصل الفعال، مثل الاستماع الجيد، وحل المشكلات، والتعاطف، أساسية في أي بيئة عمل. فعدم القدرة على التواصل بفعالية مع الزملاء والمدراء قد يؤدي إلى سوء فهم وتوتر في العلاقات، مما يعيق اندماج الموظف الجديد ويؤثر سلبًا على أدائه.

2.عدم تقبل النقد البناء:

يعتبر النقد البناء أداة قيمة للنمو والتطور المهني. فالموظف الذي لا يتقبل النقد بإيجابية، ولا يستفيد منه لتحسين أدائه، قد يواجه صعوبات في التكيف مع متطلبات العمل وتوقعات صاحب العمل.

3.العاطفية والشخصنة: 

يجب أن يكون الموظف قادرًا على الفصل بين مشاعره الشخصية وحياته المهنية. فالشخصنة المفرطة للمواقف والأحداث في العمل قد تؤدي إلى توتر في العلاقات وتعيق التعاون البناء.

4.ضعف الدافع والحماس:

يتطلب النجاح في أي وظيفة وجود دافع قوي وحماس للتعلم والتطور. فالموظف الذي يفتقر إلى هذه الصفات قد يجد صعوبة في التكيف مع متطلبات العمل وتحقيق الأهداف المرجوة.

5.عدم التكيف مع متطلبات العمل:

تختلف متطلبات العمل من وظيفة إلى أخرى، ومن مؤسسة إلى أخرى. يجب أن يكون الموظف الجديد مرنًا وقادرًا على التكيف مع متطلبات وظيفته الجديدة، سواء كانت تتعلق بساعات العمل، أو طبيعة المهام، أو ثقافة الشركة.

 

التغلب على تحديات فترة التجربة:

يمكن للموظف الجديد التغلب على هذه التحديات من خلال:

  • تطوير مهارات التواصل: يمكن حضور دورات تدريبية في التواصل الفعال، وممارسة هذه المهارات في بيئة العمل.
  • الانفتاح على النقد البناء: يجب تقبل النقد بروح مرحة، والاستفادة منه لتحسين الأداء وتطوير الذات.
  • التحكم في العواطف: يجب الفصل بين المشاعر الشخصية والعمل، والتعامل مع المواقف بمهنية وموضوعية.
  • إظهار الحماس والالتزام: يجب أن يكون الموظف متحمسًا للتعلم والتطور، وأن يظهر التزامًا بتحقيق أهداف المؤسسة.
  • التكيف مع بيئة العمل: يجب على الموظف بذل الجهد للتعرف على ثقافة الشركة وزملائه، والتكيف مع متطلبات وظيفته الجديدة.

 

استراتيجيات فعالة للمدراء ومسؤولي الموارد البشرية

1.وضع خطة واضحة للموظف الجديد: 

يجب تزويد الموظف الجديد بخطة عمل مفصلة تحدد دوره ومسؤولياته وأهدافه بشكل واضح. هذه الخطة ستساعده على فهم متطلبات العمل وتوقعات الأداء، وتوجهه في مساره المهني الجديد.

2.توفير الدعم والموارد اللازمة:

يجب توفير جميع الأدوات والموارد التي يحتاجها الموظف الجديد لأداء مهامه بنجاح، سواء كانت هذه الموارد مادية (مثل جهاز كمبيوتر أو معدات مكتبية) أو تقنية (مثل الوصول إلى البرامج والتطبيقات اللازمة).

3.تعيين مشرف أو مدير مباشر: 

يجب تعيين مشرف أو مدير مباشر للموظف الجديد لتقديم الدعم والتوجيه اللازمين له، وتقييم أدائه بشكل مستمر.

4.وضع آلية تقييم واضحة: 

يجب وضع آلية واضحة لتقييم أداء الموظف الجديد بناءً على الأهداف والمهام الموكلة إليه. يمكن استخدام أدوات تقييم مختلفة، مثل التقييم الذاتي، وتقييم الزملاء، وتقييم المدير المباشر.

5.التواصل المستمر وتقديم الملاحظات: 

يجب التواصل مع الموظف الجديد بشكل مستمر، وتقديم ملاحظات بناءة حول أدائه. هذا التواصل يساعد الموظف على فهم نقاط قوته وضعفه، وتطوير مهاراته، وتحسين أدائه بشكل عام.

6.تقديم الدعم والإرشاد:

يجب أن يكون المدير والمشرف على استعداد لتقديم الدعم والإرشاد للموظف الجديد في أي وقت يحتاج إليهما. 

هذا الدعم يشمل الإجابة على أسئلته، وتقديم المساعدة في حل المشكلات، وتوجيهه في مساره المهني.

7.إجراء مراجعات دورية: 

يجب إجراء مراجعات دورية مع الموظف الجديد لمناقشة أدائه وتقدمه، وتحديد أي تحديات قد يواجهها، ووضع خطط لتطويره.

8.تحديد موعد نهائي لاتخاذ القرار: 

يجب تحديد موعد نهائي لتقييم أداء الموظف الجديد خلال فترة التجربة، واتخاذ قرار بشأن استمراره في العمل أو إنهاء عقده.

 

الخاتمة

في الختام، تعد فترة التجربة في نظام العمل السعودي أداة حيوية لضمان تحقيق التوافق الأمثل بين الموظفين الجدد ومتطلبات العمل وثقافة المؤسسة، بما يخدم مصالح الطرفين على حد سواء. 

فهي ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي فرصة استكشاف وتقييم متبادل، تمكن الموظف من اختبار مدى ملاءمة الوظيفة لتطلعاته المهنية، وتتيح لصاحب العمل تقييم أداء الموظف والتأكد من كفاءته.

وعلى الرغم من أن الفترة قد تحمل بعض التحديات، إلا أن الالتزام بالقوانين والأنظمة، وتطبيق أفضل الممارسات في الإدارة والتواصل، يمكن أن يحول هذه الفترة إلى تجربة إيجابية ومثرية للطرفين. فمن خلال توفير الدعم والتوجيه اللازمين للموظف الجديد، وتقييم أدائه بشكل موضوعي ومنصف، يمكن للمؤسسة أن تضمن نجاح الموظف في وظيفته الجديدة، وبناء علاقة عمل قوية ومستدامة تساهم في تحقيق أهداف المؤسسة على المدى الطويل.

لذا، ندعو جميع أصحاب العمل والموظفين إلى استغلال فترة التجربة بشكل أمثل، والعمل معًا على بناء بيئة عمل إيجابية ومنتجة، تحقق النجاح والازدهار للجميع.