نظام الانضباط الوظيفي السعودي يهدف هذا النظام الذي يتألف من 25 مادة أقرّتها أعلى سلطة تشريعية في البلاد إلى ضمان سير العمل بسلاسة وفعالية.
نظام الانضباط الوظيفي السعودي مقدمة: في إطار سعي المملكة العربية السعودية الدؤوب نحو التحديث والتطوير، وتماشياً مع رؤية 2030 الطموحة، صدر نظام الانضباط الوظيفي كأحد أهم الأدوات لتعزيز الكفاءة والشفافية في بيئة العمل.
يهدف هذا النظام، الذي يتألف من 25 مادة أقرّتها أعلى سلطة تشريعية في البلاد، إلى ضمان سير العمل بسلاسة وفعالية، وتحفيز الموظفين على الالتزام بأعلى معايير الأداء والانضباط.
في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذا النظام، ونستكشف أهم أحكامه وتأثيره على بيئة العمل في المملكة.
سنلقي الضوء على الحقوق والواجبات التي يمنحها النظام للموظفين وأصحاب العمل، ونستعرض آليات التعامل مع المخالفات التأديبية، والإجراءات القانونية المتبعة لضمان العدالة والشفافية، كما سنناقش دور هذا النظام في تعزيز الإنتاجية وتحقيق التوازن بين حقوق جميع الأطراف في بيئة العمل.
أدركت المملكة العربية السعودية أهمية الانضباط الوظيفي في تحقيق التميز المؤسسي وتعزيز الإنتاجية في القطاعين العام والخاص.
لذلك، قامت بتحديث وتطوير نظام الانضباط الوظيفي ليتماشى مع متطلبات العصر الحديث ورؤية 2030. يهدف النظام الجديد إلى وضع إطار قانوني واضح للمخالفات التأديبية، وتحديد الواجبات والمحظورات الوظيفية بوضوح. كما يسعى إلى حماية الوظيفة العامة، وتعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة في بيئة العمل.
يلعب قسم الموارد البشرية دورًا محوريًا في تطبيق نظام الانضباط الوظيفي في المملكة العربية السعودية، حيث يساهم في ضمان سير العمل بسلاسة وفعالية، وتعزيز الالتزام بأعلى معايير الأداء والانضباط.
أبرز مهام الموارد البشرية في هذا الصدد:
يقع على عاتق قسم الموارد البشرية مسؤولية توعية الموظفين بأحكام نظام الانضباط الوظيفي، وشرح حقوقهم وواجباتهم، وتوضيح الإجراءات المتبعة في حالة ارتكاب مخالفات تأديبية.
يتولى قسم الموارد البشرية مسؤولية تطبيق أحكام النظام بعدالة وشفافية، وضمان عدم التمييز أو التحيز في التعامل مع المخالفات التأديبية.
يقوم قسم الموارد البشرية بإعداد اللوائح والسياسات الداخلية التي تحدد معايير السلوك الوظيفي المقبول، وتوضح المخالفات التأديبية والعقوبات المترتبة عليها.
يشارك قسم الموارد البشرية في التحقيق في المخالفات التأديبية، من خلال جمع الأدلة والاستماع إلى أقوال الموظفين المعنيين، وتقديم تقرير مفصل للجنة التحقيق.
يقدم قسم الموارد البشرية الدعم للموظفين الذين يواجهون صعوبات في فهم أو تطبيق أحكام نظام الانضباط الوظيفي، ويساعدهم في حل المشكلات التي قد تنشأ في هذا السياق.
يقوم قسم الموارد البشرية بتطوير برامج تدريبية للموظفين لتعزيز الوعي بأهمية الانضباط الوظيفي، وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع المواقف الصعبة.
يتعاون قسم الموارد البشرية مع الجهات المعنية بتطبيق نظام الانضباط الوظيفي، مثل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ولجان الانضباط الوظيفي، لضمان تطبيق النظام بشكل صحيح وفعال.
1.يولي نظام الانضباط الوظيفي في المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا بضمان حقوق الموظفين وتحقيق العدالة والنزاهة في التعامل مع المخالفات التأديبية. ولذلك، ينص النظام على تشكيل لجنة متخصصة تتولى النظر في هذه المخالفات، وتتمتع هذه اللجنة بضمانات تضمن حياديتها واستقلالية قراراتها.
2.تتميز اللجنة بتكوينها المتوازن، حيث تضم رئيسًا مختصًا في الأنظمة، وعضوين أساسيين وعضوًا احتياطيًا. ويشترط أن يكون أحد الأعضاء ممثلًا عن إدارة الموارد البشرية في المنشأة. يضمن هذا التنوع في الخبرات والتخصصات اتخاذ قرارات موضوعية وعادلة تراعي جميع الجوانب القانونية والإدارية للمخالفة.
3.يفرض النظام قيودًا صارمة على أعضاء اللجنة لضمان حيادهم واستقلاليتهم. فلا يجوز لعضو اللجنة أن يحقق مع موظف إذا كان رئيسه المباشر أو تربطه به صلة قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الرابعة.
4.بالإضافة إلى ذلك، تلتزم اللجنة بالسرية التامة في أعمالها. ولا يجوز لأحد الاطلاع على محاضر التحقيق إلا لأعضائها، إلا بموافقة الوزير المختص بشؤون وزارته.
5.يضمن هذا الإجراء حماية خصوصية الموظف والحفاظ على سرية التحقيقات، ويعكس التزام المملكة بتحقيق العدالة والشفافية في بيئة العمل، ويؤكد أن الموظف سيحصل على محاكمة عادلة ونزيهة، وأن قرارات اللجنة ستكون مبنية على أسس قانونية سليمة.
1.عند اكتشاف أي مخالفة تأديبية من قبل موظف، يتبع نظام الانضباط الوظيفي السعودي إجراءات محددة لضمان تحقيق العدالة والشفافية. تبدأ هذه الإجراءات بإحالة الموظف إلى لجنة التحقيق أو القضاء الجنائي، مع تعليق الإجراءات الإدارية المتعلقة بالمخالفة حتى انتهاء التحقيق أو المحاكمة.
2.تبدأ عملية التحقيق باستدعاء الموظف للمثول أمام اللجنة في مكان وزمان محددين، مع إبلاغ رئيسه المباشر بذلك. يتضمن الاستدعاء توضيحًا دقيقًا للمخالفة المنسوبة إليه، ويمكن إرسال الاستدعاء عبر عدة وسائل، منها الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني أو الأنظمة الآلية الحكومية أو البريد الوطني.
3.في حال تعذر حضور الموظف، يمكن للجنة التحقيق الانتقال إلى مكان تواجده لإجراء التحقيق، أو إجراءه في مكان وقوع المخالفة إذا تطلب الأمر ذلك. كما يمكن للجنة إجراء التحقيق عن بُعد باستخدام وسائل الاتصال الرقمية، مما يوفر المرونة والسرعة في إتمام الإجراءات.
4.تشدد اللائحة التنفيذية لنظام الانضباط الوظيفي على ضرورة الالتزام بأخلاقيات التحقيق، حيث يمنع استخدام أي شكل من أشكال الإكراه أو الضغط أو التهديد أثناء التحقيق. كما يجب أن يقتصر التحقيق على الموضوعات ذات الصلة المباشرة بالمخالفة التأديبية، وذلك لضمان حماية حقوق الموظف وضمان سير التحقيق بحيادية وموضوعية.
ينص نظام الانضباط الوظيفي السعودي على مجموعة من الضوابط التي تضمن تحقيق العدالة والإنصاف في إيقاع الجزاء على الموظف المخالف. تهدف هذه الضوابط إلى حماية حقوق الموظف وضمان أن يكون الجزاء متناسبًا مع طبيعة وخطورة المخالفة المرتكبة.
1.التحقيق وسماع أقوال الموظف: لا يجوز فرض الجزاء على الموظف إلا بعد التحقيق معه ومواجهته بالمخالفة المنسوبة إليه، مع إتاحة الفرصة له لتقديم دفاعه عن نفسه. يضمن هذا الإجراء حق الموظف في الدفاع عن نفسه وتقديم الأدلة التي تثبت براءته.
2.قرار مسبب: يجب أن يكون القرار الصادر بإيقاع الجزاء مسببًا، أي أن يتضمن الأسباب والوقائع التي استندت إليها اللجنة في قرارها. يضمن هذا الإجراء الشفافية والوضوح في عملية اتخاذ القرار.
3.عدم المسؤولية عن تنفيذ أوامر الرؤساء: لا يقع على الموظف الجزاء إذا كانت المخالفة التي ارتكبها تنفيذًا لأمر من رئيسه، حتى لو قام الموظف بتنبيه رئيسه بالمخالفة.
4.تناسب الجزاء مع المخالفة: يجب أن يكون الجزاء متناسبًا مع درجة المخالفة، ولا يجوز توقيع أكثر من جزاء عن المخالفة نفسها أو المخالفات المرتبطة ببعضها. يضمن هذا الإجراء أن يكون الجزاء عادلًا ومنصفًا ولا يتجاوز حدود المعقول.
5.سريان الجزاء على الموظفين المنتهية خدماتهم: تسري أحكام الجزاء على الموظف الذي انتهت خدمته أيضًا، على أن يكون الجزاء غرامة لا تزيد على ما يعادل ثلاثة أمثال صافي آخر راتب شهري كان يتقاضاه.
يحدد نظام الانضباط الوظيفي السعودي مجموعة من العقوبات التأديبية التي يجوز إيقاعها على الموظف المخالف، وتشمل:
تهدف هذه الضوابط والعقوبات إلى تحقيق التوازن بين حقوق الموظف وواجباته، وضمان سير العمل بانتظام وكفاءة، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية في بيئة العمل.
يؤكد نظام الانضباط الوظيفي في المملكة العربية السعودية على أهمية التزام الموظفين بالمُثول أمام لجنة التحقيق عند استدعائهم، وذلك لضمان سير التحقيقات بسلاسة وكفاءة، وتحقيق العدالة والشفافية في التعامل مع المخالفات التأديبية.
1.عدم الحضور بعد تبليغه مرتين: إذا تلقى الموظف استدعاءً مرتين ولم يحضر دون تقديم عذر مقبول، تعتبره اللجنة ممتنعًا عن التحقيق. وفي حال قدم عذرًا، يحق للجنة قبوله أو رفضه، مع إبلاغه بنتيجة القرار وأسبابه.
2.الامتناع عن الإدلاء بأقواله: إذا حضر الموظف جلسة التحقيق ولكنه رفض الإدلاء بأقواله أو الإجابة على أسئلة اللجنة، يعتبر ذلك امتناعًا عن التحقيق.
3.الامتناع عن التوقيع على أقواله: إذا أدلى الموظف بأقواله أمام اللجنة ولكنه رفض التوقيع عليها بعد الانتهاء من الإدلاء بها، يعتبر ذلك امتناعًا عن التحقيق.
في حالة امتناع الموظف عن التحقيق، يجوز للجنة التحقيق النظر في المخالفة التأديبية بناءً على الوقائع الثابتة فيها، مع إثبات ذلك في محضر التحقيق. يعني هذا أن اللجنة يمكن أن تتخذ قرارًا بشأن المخالفة بناءً على الأدلة المتوفرة لديها، حتى في غياب أقوال الموظف.
قد يؤدي امتناع الموظف عن التحقيق إلى نتائج سلبية بالنسبة له، بما في ذلك:
ينص نظام الانضباط الوظيفي السعودي على حالات محددة تؤدي إلى انقضاء أو سقوط العقوبة التأديبية عن الموظف، وذلك بهدف تحقيق العدالة وضمان عدم استمرار تأثير العقوبة على الموظف بعد مرور فترة زمنية معينة أو حدوث ظروف استثنائية.
1.وفاة الموظف: تنقضي العقوبة التأديبية بوفاة الموظف، حيث لا يمكن مساءلة الشخص المتوفي عن أفعاله.
2.العجز الصحي الكلي: إذا أصيب الموظف بعجز صحي كلي يمنعه من العمل ويستحيل معه مساءلته، تسقط العقوبة التأديبية عنه. ويشترط إثبات هذا العجز بتقرير طبي رسمي من جهة طبية معتمدة.
3.تقادم الدعوى: إذا مر عامين على تاريخ اكتشاف المخالفة دون اتخاذ إجراءات التحقيق أو المحاكمة، تسقط الدعوى التأديبية. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان عدم بقاء الموظف تحت تهديد المساءلة إلى أجل غير مسمى.
ملاحظة: تجدر الإشارة إلى أن هذه الحالات هي الوحيدة التي تؤدي إلى سقوط أو انقضاء العقوبة التأديبية وفقًا لنظام الانضباط الوظيفي السعودي.
وفي غير هذه الحالات، تظل العقوبة سارية المفعول وتترتب عليها آثارها القانونية والإدارية.
يمثل نظام الانضباط الوظيفي السعودي نقلة نوعية في تنظيم بيئة العمل في المملكة، وتعزيز مبادئ العدالة والشفافية والمساءلة. فهو ليس مجرد مجموعة من القواعد والإجراءات، بل هو منظومة متكاملة تهدف إلى تحقيق التوازن بين حقوق وواجبات جميع الأطراف في علاقة العمل.
يساهم هذا النظام في بناء بيئة عمل إيجابية ومنتجة، حيث يشعر الموظفون بالأمان والاستقرار، ويعملون في إطار منظم وشفاف. كما يساهم في تعزيز جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية، من خلال توفير بيئة عمل مستقرة ومنظمة تحترم حقوق العمال وتلتزم بأعلى معايير العدالة والشفافية.
إن نظام الانضباط الوظيفي السعودي هو دليل على التزام المملكة بتحقيق رؤية 2030، التي تهدف إلى بناء اقتصاد مزدهر ومستدام قائم على المعرفة والابتكار. ومن خلال تطبيق هذا النظام بشكل فعال، يمكن للمملكة أن تحقق قفزة نوعية في سوق العمل، وأن تصبح نموذجًا يحتذى به في المنطقة والعالم.